القبر: هو تلك الحفرة الضيِّقة التي لا أنيسَ بها ولا جليس، ولا صديق ولا سمير، اللهمَّ إلا عمل صالح قدَّمه الميت قبل وفاته، فهو أنيسٌ في قبره، ومُزيل وحشته في رمسه.
القبر: هو ذلك المكان الذي يضمُّ بين جوانبه الجثث الهامدة التي لا حراك بها، ولا نبض في عروقها، والأجسام البالية، والعظام النَّخِرة، والأشلاء المبعثرة، والشعور المتناثرة، والأوصال المتقطعة.
القبر: مِعْوَل هدم الرؤوس والأبدان، وبيت الهوام والديدان، ومسيل الصديد والدماء، ومحط البلى والفناء.
القبر: موطن العظماء والحقراء، والحكماء والسفهاء، ومَنزل الصالحين السعداء، والطالحين الأشقياء.
القبر: محكمة السؤال والمناقشة، والاختبار والمراجعة، والإضراب والأهوال، والتوفيق والتثبيت.
القبر: إما روضة من رياض الجَنَّة، أو حفرة من حفر النار، وإما دار كرامة وسعادة، أو دار إهانة وشقاوة.
القبر.. رؤية من الداخل!!
قال عمر بنُ عبدالعزيز - رحمه الله - لبعض جلسائه يومًا:
"يا فلانُ، لقد بِتُّ الليلةَ أتفكَّرُ في القبر وساكنه، إنك لو رأيتَ الميت بعد ثلاث في القبر، لاستوحشت من قُربه بعد طول الأُنس منك بناحيته، ولرأيت بيتًا تجول فيه الهوامُّ، ويجري فيه الصديد، وتخترقه الديدان، مع تغيُّر الرائحة، وبلى الأكفان، بعد حسن الهيئة، وطيب الرِّيح، ونقاء الثوب، ثم شهق شهقة خرَّ مغشيًّا عليه"؛ (رواه ابن أبي الدنيا)
وصدق عمرُ بن عبدالعزيز، فإنك لو نظرتَ إلى القبر لرأيت مَنظرًا فظيعًا، ستجد لحمًا مُقطَّعًا، ودماء تسيل، وصديدًا يجري، وأشلاءً مُمزَّقة، وعظامًا متناثرة، وهوامَّ وديدانًا تجول بجسد الإنسان، يا له من منظر تقشعر له الأبدان!
وصدق الحبيب العدنان -صلى الله عليه وسلم- حيث يقول كما عند الترمذي: ((ما رأيتُ مَنظرًا قطُّ إلاَّ والقبرُ أفظعُ منه))؛ (صحيح الجامع: 5623).
ودخل رجلٌ على عمر بن عبدالعزيز - رحمه الله - فتعجَّب من تغيُّر صورته لكثرة الجهد والزُّهد والعبادة، فقال له عمر: "يا فلان، لو رأيتني بعد ثلاث، وقد أُدخِلتُ قبري، وقد خرجت الحدقتان، فسالتا على الخدَّين، وتقلصت الشفتان عن الأسنان، وانفتح الفم، ونتأ البطن فعَلاَ الصدر، وخرج الصُّلب من الدُّبُر، وخرج الدودُ من المناخر، لرأيتَ أعجبَ مما تراه الآن".
عن شعيب بن أبي حمزة قال:
"كتب عمر بن عبدالعزيز إلى بعض مدائن الشام: أما بعد.. فكم للتراب في جسد ابن آدم من مأكل! وكم للدود في جوفه من طريق مخترق! وإني أُحَذِّركم ونفسي - أيها الناس - العرضَ على الله عز وجل".
إنّ الموت حق علينا جميعاً، وعلينا أن نقوم بجميع الأعمال الصّالحة لنستعد لتلك اللحظة، ألا وهي لحظة الموت. فالموت ليس بالشيء المخيف بالنسبة للإنسان المؤمن المتيقّن بأنّه إذا عمل صالحاً في الدّنيا فسيلقى صالحاً في الآخرة، وأنّ رحمة الله تعالى ستتنزّل عليه، وأنّ أعماله ستنير عليه قبره إلى يوم القيامة، وتسهّل عليه الإجابة على أسئلة الملكين،
وسينال يوم القيامة الثّواب والأجر على ما عمل من الصّالحات، وسيكون أجره عظيماً. قال تعالى:" وَعَدَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ "، التوبة/72. وأمّا الكافر الذي كذّب بدين الله تعالى، وبما جاء به رسوله - صلّى الله عليه وسلّم - واستكبر، وأصرّ على كفره، فإنّ الله تعالى سيجازيه أشدّ الجزاء، وسيكون قبره يوم موته ظلمةً عليه، قال الله تعالى:" وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً "، الكهف/28.
قراءة و تحميل كتاب أهوال القبور وأحوال أهلها إلى النشور ط الزمان PDF مجانا
قراءة و تحميل كتاب الدار الآخرة (21) أهوال يوم القيامة PDF مجانا
قراءة و تحميل كتاب سلسلة العقيدة في ضوء الكتاب والسنة: اليوم الآخر (القيامة الكبرى) PDF مجانا
قراءة و تحميل كتاب من مشاهد القيامة وأهوالها وما يلقاه الإنسان بعد موته PDF مجانا
قراءة و تحميل كتاب الدار الآخرة (19) علامات الساعة الكبرى. خروج يأجوج ومأجوج الخسوفات الثلاثة الدخان طلوع الشمس من مغربها خروج الدَّابة خروج نار تسوق الناس إلى محشرهم PDF مجانا